باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة على محمدنا وآله وصحبه
أعمال سورة الفاتحة: وآياتها 7 آيات ولها23 عملا جامعا:
باسم الله الرحمان الرحيم1
الآية1/البسملة : وهي قولك: باسم الله الرحمان الرحيم عند كل قول أو عمل مهم وعند كل أكل أو شرب أو حركة مميزة ..وتعني طلب العون والبركة من الله الرحمان :أي الراحم للكل..والرحيم :أي العظيم الرحمة بالمومنين ..وتعني عمل الفعل أو تقول القول عبادة لله وحده.كما تعني أبدأ باسم الله تعالى وبعونه وبركته.
الحمد لله رب العالمين2
2/ الحمد : أي الثناء على الله تعالى بصفاته كلها :اللازمة لذاته والمتعدية منه تعالى لخلقه: قصد التبجيل والتعظيم.. وبدايته الشكر وقمته الثناء والمدح ..مما يستدعي الإكثار من قوله تعالى : الحمد لله ..فهو كما حمد نفسه.. والحمد لله يجب أن تكون في السراء والضراء: إذ الحمد لله على كل حال من أجل الاذكارعندالمكاره ..والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات: من أجمل الأذكار عند الرخاء واليسر. وحمدنا لله فقط شكر رمزي لأنا لا نستطيع أبدا ولا يستطيع أي أحد من خلقه حمده حق حمده..فالحمد لله كما يقول :من خير المحامد...وليس هناك من أحب إليه الحمد والثناء من الله تعالى ..لذا جاء في الحديث: خير الدعاء: الحمد لله: أي كثرة شكره ومدحه والثناء عليه لنعمه الوافرة وأسمائه الحسنى وصفاته العلى سبحانه..
2/الإيمان باسمه تعالى الحميد: أي ذو الصفات والأسماء الحسنى والعلى المجيدة والمحمودة كلها والحميدة.. فهو ذو المحامد الجليلة والجميلة الكاملة ..وهو الحامد بحكمة بالغة لنفسه .. والكثير الحمد والمحامد من كل صالحي عباده وكل ملائكته الكرام عليهم السلام وجل خلقه.
2/توحيد إسم الله تعالى : فالله إسم لذات الإله سبحانه أو دال على الذات: والذي لا تليق التسمية به لأحد من المخلوقات ..ويأتي من فعل أله بمعنى الإله أو وله أي المعبود والمحبوب الحق بحق .. وهو إسم للتعلق لا للتخلق : والعمل به يعني الإلتزام بكل الإسلام.
2/توحيد الربوبية : وهو الإقرار والتصديق والإيمان بل واليقين بأن: لكل المخلوقات والأكوان وكل العالمين خالق ومدبر وقيوم ومربي واحد هو الله الذي وحده الإله والرب لا شريك له: ولذا يجب الإقرار بكل أسماء وصفات ربوبيته تعالى بكل تنزيه ودون أي تشبيه..(فرب كل العالمين واحد): هو الله ولا شريك معه: جملة بسيطة لتوحيد الربوبية .
الرحمان الرحيم3
3/ الرحمانية : وهي اليقين التام بأن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء فالرحمان لغة تعني: الراحم للكل .. فبرحمته يتنعم اليوم الجميع:بما في ذلك أعداءه سبحانه ..إذ رحم سبحانه وتعالى في الدنيا حتى عذب من لم يقبل رحمته الواسعة في الآخرة.. فتأمل : أليس هذه قمة الرحمات.
3/ الرحيمية : وهي اليقين التام بوجود رحمة كبرى وواسعة من الله تعالى خاصة بالمومنين : ولا تتعدى لسواهم فالرحمانية للكافر والمومن.. بينما الرحيمية فللمومنين فقط ..وإسم الرحيم يعني الكثير والعظيم الرحمة: لكنه مقيد. بينما إسم الرحمان فمطلق في الدنيا مقيد في الآخرة.
مالك يوم الدين4 أو ملك يوم الدين4
4/ المالكية : اليقين بأن الملك المطلق والتام والملكية الكاملة لكل العالمين إنما هما لله وحده تعالى دون شريك.. وهذا الملك وإن كان غير ظاهر اليوم للكفار والمنافقين ،فسيظهر أول مرة وللكل يوم الدين :أي يوم يحكم الدين الحق الذي هو دين كل الأنبياء عليهم السلام: الإسلام .فيكون الله وحده الملك الحق ووحده العدل والحكم سبحانه وتعالى عن أي شريك في ملكه ومالكيته.
4/الإيمان باسمه تعالى المالك : أي الذي لا شريك له في ملكيته : فله كل العوالم وما فيها من مخلوقات فهو ربها وخالقها .. يملك الخلق وما ملكوا : فما أعظم مالكيته سبحانه وتعالى.
4/الإيمان باسمه تعالى الملك : أي الحكم العدل المهيمن والآمر والناهي والرب والقيوم على كل العالمين..ولملكه العظيم كان سبحانه إلها : أي معبودا حقا مطلق الطاعة من الخلق أجمعين ..فما أعظم ملكه تعالى:
وقد جاءت في هاته الآية قراءتان ملك ومالك : لأن المالك يمكن أن لا يكون ملكا والملك ليس مالكا لكل شيء : وليس هناك من مالك ملك في آن واحد في العالمين إلا هو سبحانه..فلا ملك حق دونه :إلا إن كان هذا الملك على منهاجه: كالملك النبي سليمان عليه السلام وطالوت وداوود وذي القرنين عليهم السلام
4/ الإيمان بيوم الدين : أي بالقيامة :وهو اليقين بأنه سيأتي يوم تبعث فيه كل الخلائق للحساب أمام الله تعالى رب العالمين وهو آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة: وله العديد من الأسماء في القرآن الكريم والسنة العطرة..فيجب الإستعداد له بكل النيات والأعمال الصالحة والعبادات الخالصة...وسمي بيوم الدين هنا لأن مصير كل الخلق يحدد بمستوى تدينهم بدين:الإسلام الحق: فهو دين القيامة وميزانها الأكبر ودين كل الأنبياء عليهم السلام .
إياك نعبد وإياك نستعين5
5/ توحيد الألوهية والعبادة : وهو اليقين بوحدانية الإله:الله سبحانه وتعالى عن الشريك والند والمثل: و الجد في عبادته التي لا تقبل سوى وفق سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام : الحاثة على كل ألوان الخير والحق والفضائل والقيم المثلى.فلا نعبد أو نشرك به ربا سواه.ولا نعبده بشريعة غير ما شرع هو سبحانه وسن رسوله صلوات الله عليه. ومن صفات إلهك أن تخافه وترجوه وتحبه وتعظمه وتطيعه في كل أمر:فمن كانت فيه هاته الصفات الخمس فهو إلهك : وإلا فأنت ناقض لعبوديته..وهذا التوحيد هو : أول وأهم ركن في الإسلام وفي كل الرسالات السماوية:فبه تكون مسلما وإلا فالكفر التام والعياذ بالله .. ولذا جاء في الحديث الشريف: خير الذكر: لا إله إلا الله.
5/ توحيد التوكل والإستعانة : أي أن يكون وكيلنا وسندنا الله وحده :فلا نتوكل على شيء من طاقاتناوإن إستعنا بها كأسباب لا كمسببات فمسبب الأسباب هو وحده سبحانه .. وتوحيد التوكل هو عقد القلب على أن الوكيل الحق والمعين الواحد هو الله تعالى وحده لكن مع الأخذ بالأسباب :عكس التواكل الذي يعني التوكل دون عمل..فالمتوكل هو المومن العامل لا العاجز.ومن أحسن أدعية التوكل قولك : حسبي أو حسبنا : الله ونعم الوكيل.ولا حول ولا قوة إلا بالله:مع الأخذ طبعا بالأسباب دون الإعتماد عليها .
5/الإيمان باسمه تعالى الوكيل : أي المتولي لكل أمور عباده والمعتمد عليه في كل صغيرة وكبيرة.. ومعين عباده الصالحين في كل أمورهم .
5/الإيمان باسمه تعالى المعين : أي المساعد للكل بما وكيف وأنى يشاء :وهو سند عباده الصالحين وممدهم بالعون والتوفيق والهداية.
فتبين من هاته الآية الكريمة أننا لا نستطيع عبادته إلا بمعونته وحسن التوكل عليه.
والعمل بهذه الآية : يعني الإلتزام الفردي بكل العبادات السنية : لكن بروح جماعية: فأنت تقرأ إياك نعبد لا إياك أعبد : فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم : ولهذا شملت هاته الآية كل العبادات الفردية منها والجماعية وهي من أعظم كنوز الآخرة : وللتوسع في عباداتها الفردية ننصح بكتاب: مدارج السالكين لابن القيم رحمه الله تعالى.
إهدنا الصراط المستقيم6
6/طلب الهداية : وهي تعلم الشريعة والعمل بها مقتدين ومسترشدين بسنةالمصطفى عليه السلام سائلين الله تعالى أن يوفقنا للإستقامة: وهداية الإرشاد تكون من الله تعالى وبالقرآن الكريم ومن رسله ومن العلماء العاملين. بينما لا تكون هداية التوفيق إلا منه تعالى ..وهنا نطلب منه الهدايتان معا أي: أن يرشدنا ويلهمنا التوفيق والسداد معا .. كما أن هناك هداية ثالثة لا تطلب: بل هي موهوبة للجميع : وهي هداية الفطرة : التي بها يصنع حتى العصفور عشه ويعرف الرضيع ثدي أمه: فهي هداية هدى الله بها كل المخلوقات لأساليب عيشها .
6/الإيمان باسمه تعالى الهادي : أي المرشد والموفق لكل الخيرات المادية والمعنوية وللهدايات الثلاث: 1/هداية الفطرة 2هداية الدلالة والإرشاد 3/هداية التوفيق كما شرحنا..
6/توحيد هداية التوفيق: وهو اليقين بأن هداية الفطرة وهداية الدلالة يمكن أخذهما أيضا من الخلق .. لكن التوفيق للهدى والفلاح وحسن النتائج فبيده وحده سبحانه ..فتوفيقك في كل صغيرة أو كبيرة بيده وحده سبحانه:
6/الإستقامة :وهي الإستمساك دون إعوجاج بمحجة الإسلام الناصعة إعتقادا وقولا وعملا وحالا ومقاما.. والدعاء الكثير منه تعالى ليلهمنا هاته الإستقامة: فعلى قدرها يكون الثبات على الصراط المستقيم غدا يوم القيامة .وتتمثل في الإلتزام بكل تعاليم ديننا الحنيف مع كثرة الإستغفار مما نعلم ومما لا نعلم من الهفوات والذنوب. دون الإعتماد على عملنا بل على عفوه سبحانه وجميل تجاوزه.
6/ الإيمان بالصراط المستقيم : ..وهو معنوي في هاته الحياة الدنيا ومتمثل في الإستقامة على الشريعة الغراء ومادي في الآخرة :فهو عبارة عن جسر فوق جهنم لا بد من المرور عليه : فهاو في جهنم وناج بتوفيق الله تعالى..فيجب أن نومن بأننا سنمر على هذا الصراط : حيث يتوفق في المرور عليه كل حسب أعماله : فمار بسرعة البرق إلى مار يحبو على ركبتيه فاللهم لطفك : إذ لا ينجو من أهواله الشديدة سوى المومنين حقا: المتقين بصدق.
صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين7
7/إتباع المنعم عليهم : وهم كما قال الله تعالى : ..المنعم عليهم من :النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا: فالمنعم عليهم والذين يجب إقتداؤنا بهم هم هؤلاء: جميعهم: النبيون عليهم السلام ثم الصديقون:وهم كبار الأولياء من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين : من العلماء العاملين ..ثم الشهداء الذين باعوا دنياهم لحد إهداء أرواحهم لله تعالى. والصالحين :وهم العلماء العاملين المنادين بالإصلاح على منهج الأنبياء رضوان الله عليهم.. فهؤلاء جميعا هم أئمة الهدى والرشاد. وأسوتنا بعد الرسول صلوات الله عليه..
7/ البعد عن أساليب اليهود والنصارى :أي عدم التشبه بهم وبالتواءاتهم وضلالاتهم وتحريفاتهم ..والحرص كل الحرص على أن لا نضل بأراجيفهم وتلبيسهم للحق بالباطل.. بل ونصر على البعد كذلك عن كل من يشاكلهم من المشركين والمنافقين... وللأسف نعيش اليوم هستيريا التقليد لأساليب غير المسلمين لحد إنبهارنا الأعمى بهم ..وفي كل شيء تقريبا:حتى صرنا نربي أبناءنا على كل أساليب حياتهم بل ومنا من يفخر بتربية وتعليم الكفار لأبنائه: فلا يعلموهم عن الإسلام ولا تاريخة إلا النشاز : فيربوهم على المتع والشهوات وتكاثرات وماديات الدنيا تماما كالكفار: ليبعدوهم وبكل وسيلة عن كل قيمنا وأخلاقنا ومعاييرنا بل وديننا . ومن تشبه بقوم فهو منهم... وللأسف نعيش اليوم علوا عظيما لليهود والنصارى حيث هم من يشرع لكل صغيرة وكبيرة :فرديا وعالميا...
6+7/كثرة الدعاء: وهو سؤال الله الدائم من فضله ومنه ورحمته ورضاه وتوفيقه فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يسألون الله من كل شيء مهما كبر أو صغر: وذلك ليقينهم الكبير فيه سبحانه ..فالدعاء كما قال رسول الله صلوات الله عليه: مخ العبادة..ولا عبادة دون دعاء.. والله يفرح بدعاء العبد الخالص له وحده ... بل ويغضب لكرمه تعالى على كل من يستنكف عن دعائه...
فاللهم هداك آمين...
وللأسف هناك اليوم من يدعوا غير الله تعالى: لحد دعاء حتى العديد من المسلمين جهلا للرسول صلوات الله عليه وللأئمة الشيعة وأولياء التصوف وأئمة السنة بل وحتى لقبورهم ... وهذا من الكبائر : فالدعاء لا يكون لغير الله تعالى : والطلب والسؤال والإلتماس لا الدعاء من الأحياء لا الأموات :فالدعاء لله وحده..ومن أشرك في الدعاء فقد أشرك في العبادة بل وأله من يدعوه.
ملاحظة : آمين : تعني اللهم أجب ..وتقال عند تلاوة الفاتحة في كل صلاة .. ويستحب قولها عند كل دعاء لقول الرسول صلوات الله عليه :(آمين: خاتم الله على دعاء المومن) : أي: أن قولها طابع للقبول من الله لدعاء كل مومن حق.
وهاته الأعمال 23 تؤم كل الأوامر والنواهي القرآنية والحديثية وتلخصها وترمز بإجمال إليها.. كما أن الأسماء الحسنى التي ذكرت في هاته الفاتحة الكريمة :الله والرحمان والرحيم والرب والملك والمالك وما استتر فيها: كالهادي والمعين والوكيل وغيرها هي صلب كل أسماء ربوبيته وألوهيته سبحانه وتعالى .ولهذا سميت هاته الفاتحة الكريمة بأم الكتاب : أي الجامعة لأصول العبادات والعلوم القرآنية كلها.