باسم الله الرحمان الرحيم
أعمال سورة الليل وآياتها 21/ 22 عملا مباركا:
والليل إذا يغشى 1 والنهار إذا تجلى 2 وماخلق الذكر والأنثى 3
الآية1+2+3/ جواز قسم الله تعالى وحده بالمخلوقات:كما يقسم هنا بالليل حين يغطي بظلمته الأرض..وبالنهار حين يتجلى ويظهر بفجره وأنواره الكون..وبعملية التوالد وكل مكوناتها.
إن سعيكم لشتى 4
4/إختلاف مساعي وأعمال العباد: إذ تختلف أهداف كل عبد وأعماله وبالتالي جزاؤه وثوابه حسب إيمانه..لذا كان الإختلاف بين البشر في كل شيء أمر طبيعي فالإختلاف إذن سنة كونية لحد إختلاف حتى الإجتهادات الفقهية في الإسلام التي يجب أن يكون لنا صدر فسيح لقبولها.. فإختلاف العلماء رحمة للأمة..وإختلاف المذاهب الإسلامية يجب أن يكون إختلاف تنوع لا تضاد...فلكل وجهة هو موليها ..وكل يعمل على شاكلته : كما قال تعالى.
فأما من أعطى واتقى 5
5/بدل العطاء: فالكرم والعطاء في سبيل الله تعالى من شيم الأخيار ومن صفة المحسنين الكرام لذا يوصي الله تعالى هنا بالكرم الجزيل وبعدم البخل بل بالبدل المتواصل على النفس والعيال وكل المحتاجين..وان نهب للناس ما في وسعنا من عطايا مادية ومعنوية ما إستطعنا..
5/التقوى : وهي أن تجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وغضبه ومكره وقاية أي حاجزا.. ولن يتم لك ذلك سوى بانتهائك عن كل النواهي وإئتمارك بكل الأوامر.
وصدق بالحسنى 6
6/التصديق بالحسنى: وهو الإيمان بأن فعل الخير يأتي بأحسن النتائج والعواقب دنيا وآخرة..ولا نعمة ولا خير أفضل من الإسلام لذا فالتصديق بأن كل الخير في الإسلام وفي الفعل الحسن أمر قرآني..فوجب اليقين بأن عمل الحسنى والخير لا يأتيان إلا بخير الثمار..وذلك دنيا وآخرة :عكس الأمثلة اليهودية المتسربة اليوم في مجتمعاتها : كقولهم : لا تفعل خيرا حتى لا تقع في بأس ..ومن سبق لا إرتاح...
فسنيسره لليسرى 7
7/تيسير الله تعالى للمومنين المتقين الكرماء: فالله تعالى ييسر كل أمور من بهم هاته الثلات صفات وهي : الإيمان والتقوى والكرم:وذلك دنيا وأخرة بفضله ومنته ورحمته سبحانه.
وأما من بخل واستغنى 8
8/ذم البخل : وهو الشح ومنع ذات اليد ومنع البدل والعطاء وهو ضد الكرم.وقد سأل الرسول صلوات الله عليه الصحابة رضوان الله عليهم : أتدرون من البخيل؟ قالوا بلى يا رسول الله صلوات الله عليه .فقال : البخيل من ذكرت عنه ولم يصل علي. فوجبت الصلاة عليه عنذ كل ذكر له.صلوات ربنا التامة عليه.ويروى أنه مكتوب بباب الجنة : حرمت على كل بخيل وذيوت ومتكبر وعاق لوالديه...وفي الحديث : إتقوا دعوة الكريم: فإنه كلما زل أخذ الله بيده.
8/ذم الإستغناء بغير الله تعالى : فهناك من يستغني بماله وهناك من يستغني بجاهه.. أويستغني بما يكسب من دنياه..لكن الغنى بغير الله تعالى هو عين الإملاق.. وهو عين الفقر للمخلوقات.. فلا غنى بالمخلوق.. ولا غنى للمخلوق إلا بالله سبحانه وتعالى ..فيجب أن نستغني به لا عنه سبحانه مهما وصلنا من ثروات أو جاه دنيوي..فقلب المرء كما قال عيسى عليه السلام عند مكان كنزه فلتكن كنوزكم في السماء كما قال عليه وعلى رسولنا أزكى السلام
وكذب بالحسنى 9
9/ذم التكذيب بالحسنى : وهو الكفر وعدم الإيمان بأن فعل الخير كله في الإسلام وفعل المكارم..وبأن العمل بهذا يؤدي إلى أحسن النتائج دنيا وآخرة ..فعكس هذا نرى أن معظم الناس يظنون أن طريق الخير كلها عقبات ومصاعب لحد قولهم : لا تفعل خيرا حتى ترتاح..وهذه طبعا عقيدة إبليسية خطيرة تجعل المرء يبتعد عن فعل الخيرات فيقترب بالتالي من كل المنكرات..فالتكذيب بالإسلام وبالفعل الحسن وبعواقبهما الخيرة إذن صفة من صفات الكفار والمنافقين.
فسنيسره للعسرى 10
10/تعسير الله تعالى على الكافرين المستغنين بدنياهم وأنفسهم والبخلاء: فالله تعالى يشدد عليهم دنيا وآخرة ويصعب سبيلهم ولهم معيشة شاقة وضنكى ومضنية مهما بدت زخارفهم المادية لأعيننا ..ففي أعماقهم بؤر للشقاء والبؤس دنيا وآخرة.فالشقاء كله في الغنى بالنفس والدنيا وفي البخل.
وما يغني عنه ماله إذا تردى 11
11/لا جاه بالغني في الآخرة: فعكس الدنيا التي يبجل أصحابها ذوي الثروات والأموال والجاه..فلا يغني المال والجاه الدنيوي صاحبه غدا يوم القيامة ..بل التقوى في الآخرة هي المعيار.. فكرم الله كله متعلق بها : إذ قال سبحانه : إن أكرمكم عند الله أتقاكم.. ولم يقل سبحانه أغناكم كما يظن اليهود وكل الماديين.
ففي الآخرة لا ينفع مال ولا بنون ولا جاه إلا من أتى الله بقلب سليم .
إن علينا للهدى 12
12/فرض إرشاد الله تعالى للعباد: فحق على الله تعالى أن يهدي كل المخلوقات لمصالحها هداية فطرة لحد هدايته الحيوانات والطيور لفطرتها.. وأن يهدي عباده كلهم هداية إرشاد ودلالة وتوجيه لكل تعاليم الخير والفلاح كما فعل بواسطة أنبيائه ورسله منذ ابينا آدم عليهم السلام..فبين سبحانه وتعالى سبيل الحق من سبل الغواية والضلال أيما بيان..لكن يوفق فقط أحبابه ومن خلصت نيته لهداية التوفيق والسداد..فهداية الفطرة وهدايةالإرشاد والتوجيه والدلالة عامتان اما هداية التوفيق فخاصة ..لذا فهناك ثلات أنواع للهداية من الله تعالى:
+هداية الفطرة : حيث يهدي كل مخلوق لمنافع حياته حتى أنها هدى النمل لبناء بيوتها وجمع طعامها وكل المخلوقات
+هداية الدلالة والإرشاد: حيث بين ووضح عبر رسله الكرام وكتبه المقدسة الخير من الشر والحق من الباطل وصراطه المستقيم من سبل الكفر ةالضلال والغي: وترك لنا مشيئة الإيمان أو الكفر وفعل الخيرات أو التمادي في المنكرات.
+هداية التوفيق : وهاته لخاصة عباده إذ يهدي كل من يستحق ذلك إلى الإستقامة على صراطه المستقيم وسبيله القويم هنا في الدنيا كما يهديه إلى الثبات على الصراط غدا يوم القيامة والفوز بالجنة ورضوانه تعالى.
وإن لنا للآخرة والأولى 13
13/ملك الله تعالى المطلق: فالله تعالى يملك الدنيا وهو ملكها الحق ويملك الآخرة كلها : فهو مالك وملك الملك والملكوت..فماذا تبقى للخلق؟ وماذا يملك إذن غيره تعالى؟فكل الملك والملكوت لله تعالى وحده مالك كل الزمان وكل المكان ..فله وحده كل الخلق والأمر..فله كل الملك يهبه لمن يشاء وينزعه ممن يشاء سبحانه.. وحينما نزل قوله تعالى : لله الخلق والأمر ..عقب عمر رضي الله عنه : فماذا تبقى لغيره إذن..فكل الملك في امتلاك الخلق كله والأمر كله وليس ذاك سوى له تعالى وحده.
فأنذرتكم نارا تلظى 14
14/الإنذار بجهنم:وهو الوعيد هنا والتحذير من أن نصير بدورنا من حطام جهنم والعياذ بالله: لذا وجب التصديق بالحسنى المتمثلة في كل تعاليم الإسلام لنصل للتقوى والكرم فنفوز دنيا وآخرة ناجين من جهنم الشديدة العذاب.فالله تعالى يحذرنا هنا من نار جهنم المشتعلة أيما إشتعال والتي لا ترحم حتى عصاة المسلمين.
لا يصلاها إلا الأشقى 15
15/شقاء أهل جهنم: فعكس ما يظنه بعض غلاة المذاهب من أن جهنم أيضا نعيم لأهلها.. يؤكد لنا سبحانه وتعالى ان أهل جهنم كلهم في شقاء تام وعناء..ولا نعيم لهم فيهاعلى الإطلاق.فلا يدخل جهنم إلا من شقى بالدنيا بعمله ليشقى بها أيضا في جهنم وعذابها الأليم
الذي كذب وتولى 16
16/من صفات أهل جهنم :
+التكذيب إجمالا إذن سوء النية وعدم التصديق خصوصا بحسنى الإسلام
+ والتولي أي الرجوع للوراء مما يعني التخلف الدائم عن الخيرات والمكارم أو الردة عن الإسلام كله.
وسيجنبها الأتقى 17
17/التقوى من الصفات الكبرى لأهل الجنة: وهي كما قال بعض الحكماء : أن يذكر الله فلا ينسى وكما قال علي عليه السلام : التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضى بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل.
الذي يوتي ماله يتزكى 18
18/الزكاة : وهي واجب وفرض للفقراء في مال الأغنياء..وهي الركن الثالث من الإسلام ولأهميتها فإن أبا بكر رضي الله عنه حارب مانعي الزكاة محاربته للمرتدين عن الإسلام..فالهاضم لها كالمرتد والعياذ بالله...وهو هاضم لحق الفقراء ظالم لهم وسارق لنصيبهم في مال الله تعالى الذي آتاه..ولو شاء سبحانه لأفقره مثلهم.
وما لأحد عنده من نعمة تجزى 19 إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى 20
19+20/إبتغاء وجه الله تعالى : وهو أن يفعل المرء كل الحسنات والأعمال الصالحة لوجه الله تعالى ..فتكون حياته كلها موجهة لهدف واحد هوالإخلاص في عبودية الله تعالى وعبادته دون رياء..بل ويصل المخلص المبتغي لوجه الله تعالى درجة لا يعبد الله فيها أبدا خوفا من النار ولا طمعا في الجنة بل لوجهه الكريم سبجانه فقط ..وإلا لماذا كان يعبد المبشرون بالجنة بعد تبشيرهم بها..فعبادته لذاته سبحانه من صفات المحسنين وليست في مقدور كل المومنين الذين يعبد معظمهم فقط خوفا من النار أو رجاء وطمعا في الجنة.
19+20/الإيمان باسمه تعالى الأعلى : فهو سبحانه وتعالى علي رفيع الدرجات ..وعلوه ليس علو مكان بل علو قدر ومكانة..فهو سبحانه منزه عن الزمان والمكان..وقد كان قبل خلقه للزمكان وقبل خلق السماوات والأرض والعرش العظيم..والرسول صلوات الله عليه يقول : تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في ذاته .فلا نستطيع ان نعلم كيفية علوه سبحانه وتعالى ولا نربطها بالزمكان فهو خالقهما سبحانه وتعالى.
ولسوف يرضى 21
21/مقام الرضى : وهو الرضى بالله تعالى والرضى عنه فنطيعه في كل ما أمر أو نهى ونصبر على كل ما قدر سبحانه وتعالى إخلاصا له ومحبة فيه سبحانه. ومن أدعية الرضى المأثورة بعد القيام من كل صلاة :رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه نبيا ورسولا.
21/إرضاء الله تعالى لأبي بكر عليه السلام : فقد نزلت الخمس آيات الأخيرة من هاته السورة في حق أول الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي كانت من صفاته كما تشير السورة :التقوى الكاملة والبدل والعطاء والكرم لا لغاية سوى وجه الله سبحانه وتعالى.. وقد كان حقا من المخلصين لذا بشره الله هنا بإرضائه دنيا وآخرة فكان من المبشرين لا بالجنة فقط بل بالرضوان التام رضي الله عنه. والحمد لله تعالى على منته وفضله على أبي بكر رضي الله عنه والكثير من المسلمين معه وبعده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق